Min menu

Pages

حمال الأمتعة الذي تحول إلى حمال الثروات

حمال الأمتعة الذي تحول إلى حمال الثروات



عندمـا جـاء مولـد (سليمــان الراجحـي) في منطقـة (البكيرية) بالقصيم، لأسـرةٍ كبيـــرةٍ ّ للغايـة فـي عـدد الأبنـاء، ومتواضعـة الدخـل.. كانـت كل الإشـارات تقـول أن ثَمـة حيــاة (صعبـة) تنتظــر هـذا الطفـل الصغير.. أســرة كبيــرة.. ظــروف اقتصاديــة صعبــة، وأيضــاً حركــة نقــل صعبــة فــيفتــرة قديمــة تســبق ظهـــور ثــورة النفــط فــي المملكــة العربيــة الســعودية والخليــج عموما.
ارتحلـت أسـرته الكبيـرة طلبـاً للـرزق، حتـى اسـتقرت فـي الريـاض.. وبـدأ الطفــل فــي الذهــاب إلــى المدرســة التــي ســرعان مــا كرههــا بشــدة، وأبــدى رفضـاً شـديداً للتعليـم النظــامي، وتغيّـب مسـتمر عـن المدرسـة..في الوقت الذي ظهر عليه اهتماماً عجيباً بعالم التِّجارة بأبسط صورها..
فـي سـن صغيــرةٍ (العاشـرة مـن العمـر) بـدأ يعمـل فـي تجـارة الكيروسـين، ويربــح قرشــاً يوميــاً ّ .. ثــم بــدأ يعمــل كحمــــال أمتعــة.. ثــم عمــل كنّـــاساً وقهوجيــاً.. وطباخــا.
ومــع ذكائــه الشــديد فــي التجــارة، وخبراتــه التــي اكتســبها مــن بيــع الأشـياء، وتعاملـه الأميـن مـع النـاس، كبـرت تجارتـه البسـيطة.. فقـــرر بعـد مـرور عـدة سـنوات، أن يدخـل مجـال (الصيــرفة) الـذي بـدأ يتنامـى فـي تلـك الوافديــن إلــى المملكــة، وتطــورّ الفتـــرة المبكـــرة، مــع تزايــد عــدد ّ الحجــاج. حركـة النّقـل العالميـّـة بشـكل تدريجـي

فبـدأ الشـاب فـي بيـع وشـراء العُمـلا ّ ت مـع الحج ّـاج فـي مك ِـة وج ّـدة.. وكــان يقـوم بحمـل الطـرود والأمانـات علـى ظهـــره حتـى يوصلهـا للمطـار، فيقطـعُ مـا يزيـد عـن ( ) َ 10كيلومتـرات علـى قدميـه ليوفـر أجـرة الحمـــل والنقـل! فـي نفـس الوقـت الـذي لـم يكتـف بهـذا العمـل فقـط، بـل كان يتاجـر أيضـاً فـيـه.. أوقـات فراغـه فـي الأقفـال والأقمشـة ومـواد ِ البنـاء لتحسـين دخل وكانـت ضربـة البدايـة للشـاب المجتهـد، حيـث توسـعت أعمـال الصرافـة التـي  يقـوم بهـا مـع أخيـه الأكبـر «صالـح» بشـكل سـريع للغايـة، مـع توسـعه فـي أعمـال أخـرى..
ومـع التوسّـع السـريع فـي أعمـال الإصـلاح الاقتصـادي فـي المملكـة أيضـاً، ممـا أدى إلـى انبثـاق مشـروعات تجاريـة أخـرى تنامـت سـريعاً بدورهـا علـى مـدارَكةُ عقديـن تقريبـاً، حتـى تَّـم توحيدهـا جميعـاً َ فـي نهايـة السبعينــات تحت اسـم (شـرّكة الر ِاجِحـي المْصِرفِيِّـة للتِّجَـارةِ ُ ،) وتحويلهـا إلـى شـركة سـعودية مسـاهمة.


الآن.. اســم الراجحــي يُعتبــر مــن أحــد أكبــر المصــارف فــي العالــم، يُديــر أصـولاً ّ تقـدر بمئـات المليـارات مـن الريـالات.. ويعمــل فيـه أكثـر مـن (8)ّ آلاف موظـف، ولـه أكثـر مـن (500 ) فـرع.. وتمتـد أعمالـه لدعـم عشـرات القطاعـات الأخـرى فـي مجـالات مختلفـة، وعلـى رأسـها الجمعيات الخيــرية.


أمـا عـن الثـــروة التـي جمعهـا الرجـل الـذي بـدأ مشـواره فـي الحيـاة بائعـاّ للكيروســين، وحمــالاً للأمتعــة مقابــل قــرش ونصــف يوميــاً.. فقــد وصلــت فـي السـنوات الأخيـرة إلـى مـا يزيـد عـن (7.5) مليــار دولار، بشـكل جعله يحتـل مكانـه الدائـم فـي قائمـة (الفوربـس) لأغنـى أغنيـاء العـرب، وأيضـاً مـن أغنـى أغنيـاء العالـم.
ومــع ثــروة ملياريّــة ضخمــة ّ كهــذه، كونَهــا الرجــل بعــد رحلــة مدهشــة مــن الكفــاح والإصــرار والعمــل.. كانــت المفاجــأة الأكبــر.. إعلانــه عــن تنـــازله الكامـل عـن ثروتـه، بحيـث خصـص جـزءاً ً للأعمـال الخيريـة إرضـاء لوجـه الله.. والجـزء الآخـر لأبنائـه.. بعـد أن جـاوز الثمانين، ليعـود بذلـك إلـى نقطـة  (الصفر) التـي بـدأ منهـا! حتى أن الصحافة نقلت عنه تصريحاً مؤثراً يقول فيه
: "وصلت َ لمرحلة الصفر مرتين في حياتي.. إلا أن وصولي هذه المرة، كان بمحض إرادتي"

لـم يبـدأ ثـــرياً، ولـم يكـن أميـــراً ِ ، ولـم ينـه تعليمـه الأساسـي، ولـم يكـن متفوقاً فـي الدراسـة، ولـم يحصـل علـى شـهادة تعليميـة، ولـم يعـش فـي ظـــروف اقتصــادية رحبـــة، مثـل التـي يعيشـها الملاييـن الآن.. إلا أنـه، اسـتطاع أن يصـــل خـلا ّ ل سـنوات مـن العمـل والأمانـة والتوكــل علـى الله إلى قمــــة هرم الثـــروة، والإبـداع، والنجـــاح، والشهـــرة العالميـة التـي طالما كانـت مرتبطة بأعمالـه الخيريـة.
قال مرة في إحدى حواراته
: "إن رأس الإنسـان هـو كمبيوتـر إذا مـا اسـتُخد َم فـي التَفكيـر الجـاد والعمـلِ الـدؤوب.. وقنـوات العمـل مفتوحـة أمـام الجميـع تنتظـر دخولهـا"

كلمة السر
"ليس ً من العيب أن يولد الإنسان فقيرا ً فقرا ً مدقعا.. ولكن العيب - كل ٌ العيب - أن يموت وهو فقير معدم"




تحميل القصة من هنا بصيغة PDF


You are now in the last article

Commentaires